فصل: السنة الثانية من سلطنة المنصور محمد ابن الملك المظفر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 السنة الثانية من سلطنة المنصور محمد ابن الملك المظفر

حاجي على مصر وهي سنة ثلاث وستين وسبعمائة‏.‏

فيها توفي الشيخ الإمام العالم الخطيب شمس الدين أبو أمامة محمد بن علي بن عبد الواحد بن يحيى بن عبد الرحيم الدكالي المصري الشافعي الشهير بابن النقاش - رحمه الله تعالى - في يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر ربيع الأول ودفن آخر النهار بالقرب من باب البرقية خارج القاهرة عن ثلاث وأربعين سنة‏.‏

وكان إمامًا بارعًا فصيحًا مفوهًا وله نظم ونثر ومواعيد‏.‏

وخطب بجامع أصلم ودرس به وبالآنوكية وعمل عدة مواعيد بالقاهرة والقدس والشام واتصل بالملك الناصر حسن وحظي عنده‏.‏

وهو الذي كان سببا لخراب بيت الهرماس الذي كان عمره في زيادة جامع الحاكم وساعده في ذلك العلامة قاضي القضاة سراج الدين الهندي الحنفي‏.‏

وكان له نظم ونثر وخطب ومن شعره قصيدته التي أولها‏:‏ الكامل طرقت وقد نامت عيون الحسد وتوارت الرقباء غير الفرقد وتوفي قاضي القضاة تاج الدين أبو عبد الله محمد ابن القاضي علم الدين محمد بن أبي بكر عيسى بن بمران السعدي الإخنائي المالكي - رحمه الله - بالقاهرة‏.‏

وكان فقيهًا فاضلًا رئيسًا ولي نظر الخزانة السلطانية ثم باشر الأحكام الشرعية إلى أن مات‏.‏

وتوفي الخليفة أمير المؤمنين المعتضد بالله أبو الفتح ثم أبو بكر ابن الخليفة المستكفي بالله أبي الربيع سليمان ابن الخليفة الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن الحسن بن أبي بكر بن علي بن حسن ابن الخليفة الراشد بالله منصور ابن الخليفة المسترشد بالله الفضل ابن الخليفة المستظهر بالله أحمد ابن الخليفة المقتدي بالله عبيد الله ابن الأمير ذخيرة الدين محمد ابن الخليفة القائم بأمر الله عبد الله ابن الخليفة القادر بالله أحمد ابن الأمير إسحاق ابن الخليفة المقتدر بالله جعفر ابن الخليفة المعتضد بالله أحمد ابن الأمير الموفق طلحة ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليقة الرشيد بالله هارون ابن الخليفة المهدي محمد ابن الخليفة أبي جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس العباسي الهاشمي المصري - رحمه الله - بالقاهرة في ليلة الأربعاء ثامن عشر شهر جمادى الأولى وعهد بالخلافة لولده من بعده المتوكل محمد‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين طاز بن عبد الله الناصري المقدم ذكره في عدة أماكن من تراجم أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون وهو بطال بالقدس‏.‏

وكان من خواص الملك الناصر محمد ثم ترقى بعد موته إلى أن صار مدبر الديار المصرية‏.‏

ثم ولي نيابة حلب بعد أمور وقعت له ثم قبض عليه وحبس وسمل إلى أن أطلقه يلبغا في أوائل سلطنة الملك المنصور محمد هذا وأرسله إلى القدس بطالًا فمات به‏.‏

وكان من الشجعان‏.‏

وتوفي القاضي أمين الدين محمد بن جمال الدين أحمد بن محمد بن محمد بن نصر الله المعروف بابن القلانسي التميمي الدمشقي بها‏.‏

كان أحد أعيان دمشق معدودًا من الرؤساء‏.‏

باشر بها عدة وظائف ثم ولي كتابة سر دمشق أخيرًا‏.‏

وكان فاضلًا كاتبًا‏.‏

وتوفي القاضي ناصر الدين محمد ابن الصاحب شرف الدين يعقوب بن عبد الكريم الحلبي الشافعي كاتب سر حلب ثم دمشق‏.‏

ولد سنة سبع وسبعمائة بحلب ونشأ بها وبرع في عدة علوم وأذن له بالإفتاء والتدريس‏.‏

وولي كتابة السر والإنشاء بحلب عوضًا عن القاضي شهاب الدين ابن القطب وأضيف إليه قضاء العسكر بها‏.‏

ثم نقل إلى كتابة سر دمشق بعد وفاة تاج الدين بن الزين خضر‏.‏

وكان ساكنًا محتملًا مداريًا كثير الإحسان إلى الفقراء‏.‏

وكان يكتب خطًا حسنًا وله نظم ونثر جيد إلى الغاية‏.‏

وكان مستحضرًا للفقه وأصوله وقواعد أصول الدين والمعاني والبيان والهيئة والطب‏.‏

ومن شعره رحمه الله‏:‏ الرمل وكأن القطر في ساجي الدجى لؤلؤ رصع ثوبا أسودا فإذا جادت على الأرض غدا فضة تشرق مع بعد المدى وتوفي الأمير سيف الدين أينبك بن عبد الله أخو الأمير بكتمر الساقي‏.‏

وكان من جملة أمراء الطبلخانات‏.‏

وتوفي الأمير الطواشي صفي الدين جوهر الزمردي بقوص في شعبان‏.‏

وكان من أعيان الخدام وله رياسة ضخمة‏.‏

وتوفي الشيخ الإمام العالم شمس الدين محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج الدمشقي الحنبلي بدمشق في شهر رجب‏.‏

وكان فقيهًا بارعًا مصنفًا‏.‏

صنف كتاب الفروع وهو مفيد جدًا وغيره‏.‏

وتوفي الشيخ المعتقد فتح اللين يحيى بن عبد الله بن مروان الفارقي الأصل الدمشقي الشافعي في شهر ربيع الأول بدمشق ومولده بالقاهرة في سنة اثنتين وسبعين وستمائة‏.‏

رحمه الله تعالى‏.‏

وكان صالحًا عالمًا صوفيًا‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وإصبعان‏.‏

السنة الثالثة من سلطنة المنصور محمد على مصر وهي سنة أربع وستين وسبعمائة‏.‏

وهي التي خلع فيها الملك المنصور المذكور بابن عمه الأشرف شعبان بن حسين في شعبان منها‏.‏

فيها كان الطاعون بالديار المصرية والبلاد الشامية ومات فيه خلق كثير لكنه كان على كل حال أخف من الطاعون العام الذي كان في سنة تسع وأربعين وسبعمائة المقدم ذكره‏.‏

وفيها توفي الشيخ عماد الدين أبو عبد الله محمد بن الحسن بن علي بن عمر القرشي الإسنائي الشافعي في ثامن عشرين جمادى الآخرة ودفن خارج باب النصر من القاهرة‏.‏

كان إمامًا عالمًا وتوفي الشيخ سراج الدين أبو حفص عمر بن شرف الدين عيسى بن عمر الباريني الشافعي الحلبي بحلب عن ثلاث وستين سنة‏.‏

وكان من الفقهاء الأفاضل رحمه الله‏.‏

وتوفي القاضي كمال الدين أبو العباس أحمد ابن القاضي تاج الدين محمد بن أحمد بن محمد بن عبد القادر بن هبة الله بن عبد القادر بن عبد الواحد بن هبة الله بن طاهر بن يوسف الحلبي الشهير بابن النصيبي بحلب عن تسع وستين سنة‏.‏

كان كاتبًا بارعًا‏.‏

سمع الحديث وحدث وعلق بخطه كثيرًا وباشر كتابة الإنشاء بحلب ثم ترك ذلك كله ولزم العزلة إلى أن مات‏.‏

وتوفي الصاحب تقي الدين سليمان بن علاء الدين علي بن عبد الرحيم بن أبي سالم بن مراجل الدمشقي بدمشق وهو من أبناء الثمانين‏.‏

وكان كاتبا رئيسًا‏.‏

ولي نظر الدولة بمصر ثم ولي وزارة دمشق ونظر قلعتها وغير ذلك من الوظائف ونقل في عدة خدم ومن إنشاده لوالده‏:‏ الطويل أ أحبابنا شوقي إليكم مضاعف وذكركم عندي مع البعد وافر وقلبي لما غبتم طار نحوكم وأعجب شيء واقع وهو طائر وتوفي القاضي شمس الدين عبد الله بن شرف الدين يوسف بن عبد الله بن يوسف بن أبي السفاح الحلبي بالقاهرة عن نيف وخمسين سنة رحمه الله‏.‏

كان جليلًا باشر كتابة الإنشاء بحلب إن قضى الله موتتي وفراقي أحبتي فعليهم تأسفي وإليهم تلفتي أو يكن حان مصرعي وتدانت منيتي رحم الله مسلمًا زار قبري وحفرتي وتوفي الشيخ الإمام البارع الأديب المفتن صلاح الدين أبو الصفاء خليل أبن الأمير عز الدين أيبك بن عبد الله الألبكي الصفدي الشاعر المشهور بدمشق في ليلة الأحد عاشر شوال‏.‏

ومولده سنة ست وتسعين وستمائة‏.‏

وكان إمامًا بارعًا كاتبًا ناظمًا ناثرًا شاعرًا‏.‏

وديوان شعره مشهور بأيدي الناس وهو من المكثرين‏.‏

وله مصنفات كثيرة في التاريخ والأدب والبديع وغير ذلك وتاريخه المسمى‏:‏ الوافي بالوفيات في غاية الحسن وقفت عليه وانتقيته ونقلت منه أشياء كثيرة في هذا المؤلف وفي غيره‏.‏

وله تاريخ آخر أصغر من هذا سفاه أعوان النصر في أعيان العصر في عدة مجلدات‏.‏

وقد استوعبنا من أحواله وشعره ومكاتباته نبذة كبيرة في ترجمته في تاريخنا المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي‏.‏

وتسميتي للتاريخ المذكور والمستوفى بعد الوافي إشارة لتاريخ الشيخ صلاح الدين هذا لأنه سمى تاريخه‏:‏ الوافي بالوفيات إشارة على تاريخ ابن خلكان أنه يوفي بما أخل به ابن خلكان فلم يحصل له ذلك وسكت هو أيضًا عن خلائق فخشيت أنا أيضًا أن أقول‏:‏ والمستوفى على الوافي فيقع لي كما وقع له فقلت‏:‏ والمستوفى بعد الوافي‏.‏

انتهى‏.‏

قلت‏:‏ وقد خرجنا عن المقصود ولنعد لترجمة الشيخ صلاح الدين ونذكر من مقطعاته ما تعرف به طبقته بين الشعراء على سبيل الاختصار‏.‏

فمن شعره بسندنا إليه‏:‏ أنشدنا مسند عصره ابن الفرات الحنفي إجازة أنشدنا الشيخ صلاح الدين خليل الصفدي إجازة‏:‏ السريع المقلة السوداء أجفانها ترشق في وسط فؤادي نبال وتقطع الطرق على سلوتي حتى حسبنا في السويدا رجال قال - وله أيضًا - رحمه الله تعالى‏:‏ الوافر محياه له حسن بديع غدا روض الخدود به مزهر وعارضه رأى تلك الحواشي مذهبة فزمكها وشعر وله عفا الله عنه‏:‏ خلع البسيط بسهم ألحاظه رماني فذبت من هجره وبينه إن مت ما لي سواه خصم فإنه قاتلي بعينه وقال‏:‏ المتقارب ودعها سواذج من نقشها فأحسن ما ذهبت بالطلا وله‏:‏ الطويل أقول له ما كان خدك هكذا ولا الصدغ حتى سال في الشفق الدجى فمن أين هذا الحسن والظرف قال لي تفتح وردي والعذار تخرجا وله‏:‏ الكامل أنفقت كنز مدائحي في ثغره وجمعت فيه كل معنى شارد وطلبت منه جزاء ذلك قبلة فأبى وراح تغزلي في البارد وله‏:‏ المنسرح أفديه ساجي الجفون حين رنا أصاب مني الحشا بسهمين أعدمني الرشد في هواه ولا أفلح شيء يصاب بالعين وله‏:‏ مخلع البسيط سألتم عن منام عيني وقد براه جفًا وبين والنوم قد غاب حين غبتم ولم تقع لي عليه عين السلطان الملك المنصور قلاوون بالقلعة في ليلة السبت رابع شهر ربيع الآخر‏.‏

وهو آخر من بقي من أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون من الذكور وهو والد السلطان الملك الأشرف شعبان بن حسين وموته قبل سلطنة ولده الأشرف بنحو خمسة شهور وأيام ولو عاش لما كان يعدل عنه يلبغا إلى غيره‏.‏

وكان حسين هذا حريصًا على السلطنة فلم ينلها دون إخوته على أنه كان أمثل إخوته‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين بزدار الخليلي أمير شكار أحد مقدمي الألوف بالديار المصرية بها وكان من أعيان الأمراء عرف بالشجاعة والإقدام‏.‏

وتوفي شيخ القراءات مجد الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن يوسف بن محمد الكفتي في نصف شعبان رحمه الله‏.‏

وكان إمامًا في القراءات تصدى للإقراء سنين وانتفع الناس به‏.‏

وتوفي السيد الشريف غياث الدين أبو إسحاق إبراهيم ابن الشريف صدر الدين حمزة العراقي والد الشريف مرتضى تغمده الله تعالى‏.‏

وكان رئيسًا فاضلًا نبيلًا‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين جركس بن عبد الله النوروزي أحد أمراء الطلبخانات بالقاهرة‏.‏

وكان من أعيان المماليك الناصرية‏.‏

وتوفي الشيخ المعتقد مسلم السلمي المقيم بجامع الفيلة رحمه الله‏.‏

كان صالحًا مجاهدًا عابدًا قائمًا في ذات الله تعالى‏.‏

وكان يجاهد الفرنج بطرابلس الغرب ويقيم حاله وفقراءه من الغنائم‏.‏

وله كرامات ومناقب فمن ذلك كان عنده سبع رباه حتى صار بين فقرائه كالهر يدور البيوت‏.‏

فلما مات الشيخ - رحمه الله - أخذه السباعون فتوحش عندهم إلى الغاية حتى أبادهم وعجزوا عنه‏.‏

وتوفي الأمير سيف الدين قطلوبغا بن عبد الله الأحمدي الناصري نائب حلب بها‏.‏

وكان من خواص الملك الناصر محمد بن قلاوون وترقى من بعده حتى صار أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر‏.‏

ثم ولي حجوبية الحجاب بها ثم أمير مجلس ثم ولي نيابة حلب في أوائل سلطنة الملك المنصور محمد بن المظفر حاجي صاحب الترجمة فلم تطل مدته بحلب ومات بها‏.‏

وكان من الأماثل‏.‏

رحمه الله تعالى‏.‏

وتوفي الطواشي صفي الدين جوهر بن عبد الله اللالا‏.‏

وكان من أعيان الخدام وله عز ووجاهة‏.‏

وتوفي خطيب دمشق جمال الدين أبو الثناء محمود بن محمد بن إبراهيم بن جملة في يوم الاثنين العشرين من شهر رمضان‏.‏

وكان فصيحًا مفوهًا‏.‏

ولي خطابة دمشق سنين‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم لم يحرر‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وأربع أصابع‏.‏

والله أعلم بالصواب‏.‏

السلطان الملك الأشرف أبو المفاخر زين الدين شعبان ابن الملك الأمجد حسين ابن السلطان الملك الناصر محمد ابن السلطان الملك المنصور قلاوون‏.‏

تسلطن باتفاق الأمير يلبغا العمري وطيبغا الطويل مع الأمراء على سلطنته بعد خلع ابن عمه الملك المنصور محمد ابن الملك المظفر حاجي‏.‏

وهو السلطان الثاني والعشرون من ملوك الترك بالديار المصرية‏.‏

ولما أتفق الأمراء على سلطنته أحضر الخليفة المتوكل على الله أبو عبد الله محمد والقضاة الأربعة وأفيض عليه الخلعة الخليفتية السوداء بالسلطنة وجلس على تخت الملك وعمره عشر سنين في يوم الثلاثاء خامس عشر شعبان سنة أربع وستين وسبعمائة من غير هرج في المملكة ولا اضطراب في الرعية بل في أقل من قليل وقع خلع المنصور وسلطنة الأشرف هذا وانتهى أمرهما‏.‏

ونزل الخليفة إلى داره وعليه التشريف ولم يعرف الناس ما وقع إلا بحق البشائر والمناداة باسمه وزينت القاهرة وتم أمره على أحسن الأحوال‏.‏

ومولد الأشرف هذا في سنة أربع وخمسين وسبعمائة بقلعة الجبل‏.‏

واستقر الأتابك يلبغا العمري الخاضكي مدبر الممالك ومعه خجداشه الأمير طيبغا الطويل أمير سلاح على عادتهما‏.‏

وعندما ثبت قواعد الملك الأشرف أرسل يلبغا بطلب الأمير علي المارديني نائب الشام إلى مصر فلما حضر أخلع عليه بنيابة السلطنة بديار مصر وتولى عوضه نيابة دمشق الأمير منكلي بغا الشمسي نائب حلب‏.‏

وتولى نيابة حلب عوضًا عن الشمسي الأمير إشقتمر المارديني‏.‏

وتولى نيابة طرابلس عوضًا عن إشقتمر الأمير أزدمر الخازن نائب صفد‏.‏

وتولى نيابة صفد عوضًا عن أزدمر الخازن الأمير قشتمر المنصوري الذي كان نائبا بالديار المصرية لأمر وقع منه في حق يلبغا العمري الأتابكي‏.‏

واستقر الأمير أرغون الأحمدي الخازندار لالا الملك الأشرف شعبان‏.‏

واستقر الأمير يعقوب شاه السيفي تابع يلبغا اليحياوي خازندارًا عوضًا عن أرغون الأحمدي‏.‏

ثم استقر الأمير أرنبغا الخاصكي في نيابة غزة عوضًا عن تمان تمر العمري بحكم وفاته‏.‏

ثم ولي الأمير عمر شاه حاجب الحجاب نيابة حماة عوضًا عن أيدمر الشيخي‏.‏

واستقر الشريف بكتمر في ولاية القاهرة عوضًا عن علاء الدين علي بن الكوراني بحكم استعفائه عنها‏.‏

ثم استقر الأمير أحمد بن القشتمري في نيابة الكرك‏.‏

ثم ورد الخبر بوقوع الوباء بمدينة حلب وأعمالها وأنه مات بها خلق كثير والأكثر في الأطفال والشبان‏.‏

ثم نزل السلطان الملك الأشرف شعبان إلى سرياقوس بعساكره على عادة الملوك‏.‏

ثم سمر الأتابك يلبغا خادمين من خدام السلطان الملك المنصور لكلام بلغه عنهما فشفع فيهما فخليا ونفيا إلى قوص‏.‏

ثم في سنة خمس وستين أنعم على الأمير طيدمر البالسي بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية‏.‏

ثم أخلع على الأمير آسن قجا بنيابة ملطية في ثالث صفر‏.‏

واستقر الأمير عمر بن أرغون النائب في نيابة صفد عوضًا عن قشتمر المنصوري وحضر قشتمر المذكور إلى مصر على إقطاع عمر بن أرغون المذكور‏.‏

واستقر الأمير طينال المارديني نائب قلعة الجبل عوضًا عن ألطنبغا الشمسي بحكم استعفائه‏.‏

ثم أنعم السلطان على جماعة بإمرة طبلخاناه وهم‏:‏ تمربغا العمري ومحمد بن قماري أمير شكار وألطنبغا الأحمدي‏.‏

وآقبغا الصفوي‏.‏

وأنعم أيضًا على جماعة بإمرة عشرات وهم‏:‏ إبراهيم بن صرغتمش وأرزمك من مصطفى ومحمد بن قشتمر وآقبغا الجوهري وطشتمر العلائي خازندار طيبغا الطويل وطاجار من عوض وآروس بغا الخليلي ورجب بن كلبك التركماني‏.‏

ثم وقع الفناء في هذه السنة في البقر حتى هلك منها شيء كثير وأضر ذلك بحال الزراع‏.‏

ثم في هذه السنة فتح الأمير منكلي بغا الشمسي نائب الشام باب كيسان أحد أبواب دمشق بحضور أمراء الدولة وأعيان أهل دمشق وذلك بعد بروز المرسوم الشريف إليه بذلك وعقد عليه قنطرة كبيرة ومد له إلى الطريق جسرًا وعمر هناك جامعًا‏.‏

وكان هذا الباب مغلقًا من مدة تزيد على مائتي سنة كان سده الملك العادل نور الدين محمود الشهيد لأمر اقتضى ذلك فيه مصلحة للإسلام‏.‏

ثم رسم في هذه السنة بإبطال الوكلاء المتصرفين في أبواب القضاة‏.‏

وفي هذا المعنى يقول الشيخ بدر الدين حسن بن حبيب رحمه الله تعالى‏:‏ السريع يقول ذو الحق الذي عاله خصم ألد ولسان كليل إن صيروا أمر وكيلي سدى فحسبي الله ونعم الوكيل ثم استقر الأمير يعقوب شاه أمير آخور عوضًا عن الأمير جرجي الإدريسي بحكم انتقال جرجي إلى نيابة حلب عوضًا عن إشقتمر المارديني‏.‏

ثم في سنة ست وستين وسبعمائة استقر الأمير قطلقتمر العلائي أمير جاندار في نيابة صفد عوضًا عن الأمير عمر بن أرغون النائب وحضر عمر بن أرغون إلى مصر على إقطاع قطلقتمر المذكور في سابع شهر رجب‏.‏

ثم استقر الأمير عبد الله ابن بكتمر الحاجب أمير شكار عوضًا عن الأمير ناصر الدين محمد بن ألجيبغا واستقر أسندمر العلائي الحرفوش حاجبًا عوضًا عن عبد الله بن بكتمر المذكور‏.‏

ثم أنعم السلطان على الأمير أسندمر المظفري بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية في سلخ شهر رمضان‏.‏

ثم أنعم على الأمير شعبان ابن الأتابك يلبغا العمري بإمرة مائة وتقدمة ألف‏.‏

ثم استقر الأمير قشتمر المنصوري في نيابة طرابلس واستقر الأمير أزدمر الخازن في نيابة صفد عوضًا عن الأمير قطلقتمر العلائي‏.‏

ثم استقر الأمير ألطنبغا البشتكي في نيابة غزة عوضًا عن أرنبغا الكاملي بحكم وفاته‏.‏

ثم أخلع على الأمير منجك اليوسفي باستقراره في نيابة طرسوس بعد تلك الرتب العالية من تحكمه لما ولي الوزر بالديار المصرية ونيابة طرابلس والشام وقد تقدم ذكر ذلك كله في عدة أماكن وإنما أردنا التعريف به هنا لما تقدم له ولما هو آت وكانت ولاية منجك اليوسفي لنيابة طرسوس عوضًا عن قماري أمير شكار بحكم وفاته في سلخ ذي القعدة‏.‏

ثم أنعم السلطان على جماعة بإمرة طلبخاناه وهم‏:‏ قطلوبغا البلباني وكمشبغا الحموي أحد مماليك الأتابك يلبغا العمري وآقبغا الجوهري أحد اليلبغاوية أيضًا وعلى جماعة بإمرة عشرات وهم‏:‏ سلجوق الرومي وأروس السيفي بشتاك وسنقر السيفي أرقطاي ثم أنعم السلطان على الأمير ألجاي اليوسفي في حادي عشرين شهر رجب بإمرة جاندار‏.‏

وفي هذه السنة وهي سنة ست وستين وسبعمائة عزل قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن محمد بن جماعة نفسه من قضاء الديار المصرية في سادس عشر جمادى الأولى ونزل إليه الأتابك يلبغا بنفسه إلى بيته وسأله بعوده إلى المنصب فلم يقبل ذلك وأشار على يلبغا بتولية نائبه بهاء الدين أبي البقاء السبكي فولي بهاء الدين قضاء القضاة الشافعية عوضه‏.‏

ثم استقر قاضي القضاة جمال الدين محمود بن أحمد بن مسعود القونوي الحنفي قاضي قضاة دمشق بعد موت قاضي القضاة جمال الدين يوسف بن أحمد الكفري بفتح الكاف‏.‏

وفي هذه السنة أسلم الصاحب شمس الدين المقسي وكان نصرانيًا يباشر في دواوين الأمراء فلما أسلم استقر مستوفي المماليك السلطانية‏.‏

وفي سنة سبع وستين وسبعمائة أخذت الفرنج مدينة إسكندرية في يوم الجمعة ثالث عشرين المحرم‏.‏

وخبر ذلك أنه لما كان يوم الجمعة المذكور طرق الفرنج مدينة الإسكندرية على حين غفلة في سبعين قطعة ومعهم صاحب قبرس وعدة الفرنج تزيد على ثلاثين ألفًا‏.‏

وخرجوا من البحر المالح إلى بر الإسكندرية فخرج أهلها إليهم فتقاتلوا فقتل من المسلمين نحو أربعة آلاف نفس واقتحمت الفرنج الإسكندرية وأخذوها بالسيف واستمروا بها أربعة أيام وهم يقتلون وينهبون ويأسرون‏.‏

وجاء الخبر بذلك إلى الأتابك يلبغا وكان السلطان بسرياقوس فقام من وقته ورجع إلى القلعة ورسم للعساكر بالسفر إلى الإسكندرية‏.‏

وصلى السلطان الظهر وركب من يومه ومعه الأتابك يلبغا والعساكر الإسلامية في الحال وعدوا النيل وجدوا في الدير من غير ترتيب ولا تعبية حتى وصلوا إلى الطرانة والعساكر يتبع بعضها بعضًا‏.‏

فلما وصل السلطان إلى الطرانة أرسل جاليشًا من الأمراء أمامه في خفية وهم قطلوبغا المنصوري وكوندك وخليل بن قوصون وجماعة من الطبلخانات والعشرات وغيرهم وجدوا في السير وبينما هم في ذلك جاء الخبر بأن العدو المخذول لما سمعوا بقدوم السلطان تركوا الإسكندرية وهربوا ففرح الناس بذلك‏.‏

ورسم السلطان بعمارة ما تهدم من الإسكندرية وإصلاح أسوارها‏.‏

وأخلع السلطان على الشريف بكتمر بنيابة الإسكندرية وأعطاه إمرة مائة وتقدمة ألف‏.‏

وبكتمر هذا هو أول نائب ولي نيابة الإسكندرية من النواب وما كانت أولًا إلا ولاية فمن يومئذ عظم قدر نوابها وصار نائبها يسمى ملك الأمراء‏.‏

ثم أمر يلبغا فنودي بمصر والقاهرة بأن البحارة والنفاطة كلهم يحضرون إلى بيت الأتابك يلبغا للعرض والنفقة ليسافروا في المراكب التي تنشأ‏.‏

وبدأ يلبغا في عمارة المراكب وبعث مراسيم إلى سائر البلاد الشامية والحلبية بإخراج جميع النجارين وكل من يعرف يمسك منشارًا بيده ولا يترك واحد منهم وكلهم يخرجون إلى جبل شغلان وهو جبل عظيم فيه أشجار كثيرة من الصنوبر والقرو ونحو ذلك وهذا الجبل بالقرب من مدينة أنطاكية وأنهم يقطعون الألواح وينشرون الأخشاب للمراكب ويحملونها إلى الديار المصرية‏.‏

فامتثل نائب حلب ذلك وفعل ما أمر به ووقع الشروع في عمل المراكب‏.‏

هذا وقد ثقل على يلبغا وطأة خشداشه طيبغا الطويل فأراد أن يستبد بالأمر وحده وأخذ يلبغا يدبر عليه في الباطن‏.‏

ولقد حكى لي بعض من رآهما قال‏:‏ كانا ينزلان من الخدمة السلطانية معًا فتقول العامة‏:‏ يا طويل‏!‏ حسك من هذا القصير‏!‏ فكان طيبغا يلتفت إلى يلبغا ويقول له وهو يضحك‏:‏ ما يقولون هؤلاء‏!‏ فيقول يلبغا‏:‏ هذا شأن العامة يثيرون الفتن‏.‏

انتهى‏.‏

واستمر يلبغا على ذلك أن خرج طيبغا الطويل إلى الصيد بالعباسة فأرسل إليه يلبغا جماعة من مقدمي الألوف وهم‏:‏ أرغون الإسعردي الدوادار والأمير آروس المحمودي الأستادار وأرغون الأزقي وطيبغا العلائي حاجب الحجاب ومعهم تشريف له بنيابة دمشق‏.‏

فساروا حتى قدموا على طيبغا الطويل وأخبروه بما وقع فلما سمع طيبغا ذلك غضب وأبى قبول الخلعة وخامر‏.‏

واتفق معه أرغون الإسعردي الموادار وآروس المحمودي‏.‏

وهرب طيبغا العلائي وأرغون الأزقي ولحقا بالأتابك يلبغا وأعلماه بالخبر فركب يلبغا في الحال ومعه السلطان الملك الأشرف شعبان بالعساكر في صبيحة اليوم المذكور‏.‏

وقد ساق طيبغا الطويل من العباسية حتى نزل بقبة النصر خارج القاهرة ليأتيه من له عنده غرض فوافاه يلبغا في حال وصوله بالعساكر وقاتله فاقتتلا ساعة وانكسر طيبغا الطويل بمن معه وأمسك هو وأصحابه من الأمراء وهم‏:‏ أرغون الإسعردي وآروس المحمودي وكوندك أخو طيبغا الطويل وجركتمر السيفي منجك وأرغون من عبد الله وجمق الشيخوني وكليم‏.‏

أخو طيبغا الطويل وتلك أخو بيبغا الصالحي وآقبغا العمري البالسي وجرجي بن كوندك وأرزمك من مصطفى وطشتمر العلائي وأرسلوا الجمع إلى سجن الإسكندرية‏.‏

وأخذ يلبغا إقطاع ولدي طيبغا الطويل وهما علي وحمزة وكانا أميري طبلخاناه‏.‏

ثم في يوم الاثنين خامس عشرين شعبان من سنة سبع وستين وسبعمائة باست الأمراء الأرض للسلطان ويلبغا الأتابك معهم وطلبوا من السلطان الإفراج عن الأمراء المسجونين بثغر الإسكندرية المقدم ذكرهم فقبل السلطان شفاعتهم ورسم بالإفراج عن طيبغا الطويل خاصة فأفرج عنه ورسم بسفره إلى القدس بطالًا فسافر إلى القدس وأقام به إلى ما يأتي ذكره‏.‏

ثم بعد ذلك في يوم عيد الفطر رسم السلطان بالإفراج عمن بقي في الإسكندرية من أصحاب طيبغا الطويل فأفرج عنهم وحضروا فأخرجوا إلى الشام متفرقين بطالين‏.‏

وصفا الوقت ليلبغا العمري وصار هو المتكلم في الأمور من غير مشارك والسلطان الملك الأشرف شعبان معه آلة في السلطنة‏.‏

وأنعم يلبغا بإقطاعات أصحاب طيبغا الطويل على جماعة من أصحابه فأنعم على الأمير أرغون بن بلبك الأزقي بتقدمة ألف عوضًا عن قطلوبغا المنصوري وأنعم على طيبغا العلائي السيفي بزلار بتقدمة ألف عوضًا عن ملكتمر المارديني بحكم وفاته وأنعم على أينبك البدري أمير آخور يلبغا العمري بإمرة طبلخاناه واستقر أستادار أستاذه يلبغا‏.‏

ثم استقر الأمير إشقتمر المارديني المعزول عن نيابة حلب قبل تاريخه في نيابة طرابلس عوضًا عن قشتمر المنصوري وطلب قشتمر المذكور إلى مصر‏.‏

ثم استقر الأمير طيدمر البالسي أمير سلاح عوضًا عن طيبغا الطويل في سابع جمادى الأولى‏.‏

ثم استقر طيبغا الأبو بكري دوادارًا كبيرًا بإمرة طبلخاناه عوضًا عن الإسعردي فأقام دوادارًا إلى حادي عشرين شعبان وعزل بأمير بيبغا دوادار أمير علي المارديني بإمرة طبلخاناه أيضًا‏.‏

ثم استقر الأمير أرغون ططر رأس نوبة النوب عوضًا عن ملكتمر العمري المارديني في آخر جمادى الآخرة‏.‏

واستقر أرغون الأزقي أستادارًا عوضًا عن آروس المحمودي‏.‏

واستقر يعقوب شاه أمير آخور مقدم ألف وحاجبًا ثانيًا عوضًا عن قطلوبغا المنصوري‏.‏

واستقر طقتمر الحسني أمير آخور كبيرًا عوضًا عن يعقوب شاه المنتقل إلى الحجوبية الثانية‏.‏

واستقر قطلوشاه الشعباني أمير طبلخاناه وشاد الشراب خاناه عوضًا عن أرغون بن عبد الملك‏.‏

واستقر تمرقبا العمري جوكندارًا عوضًا عن جركتمر السيفي منجك‏.‏

وأنعم على آقبغا الأحمدي المعروف بالجلب بتقدمة ألف وعلى أسندمر الناصري بتقدمة ألف أيضًا وكلاهما بالديار المصرية‏.‏

واستقر حسين بن الكوراني في ولاية القاهرة وهذه أول ولايته‏.‏

ثم فرق على جماعة كبيرة بإمرة طبلخانات وهم‏:‏ طغيتمر العثماني وآقبغا الجوهري وقجماس السيفي طاز وألطنبغا العزي وأرغون كتك العزي وقراتمر المحمدي والشهابي هذا قراتمر رأيته وقد شاخ وكان بطالًا يسكن بالقرب من الكبش بعد سنة عشرين وثمانمائة‏.‏

انتهى وآروس بغا الكاملي وطاجار من عوض وآقبغا اليوسفي وألطنبغا المارديني - وهو غير صاحب الجامع ذاك متقدم على هذا - ورسلان الشيخوني واستقر حاجبًا بإسكندرية على إمرة طبلخاناه وعلي بن قشتمر المنصوري وسودون القطلقتمري وقطلوبغا الشعباني ومحمد المهندس التركماني‏.‏

وأنعم على جماعة بعشرات وهم‏:‏ تنبك الأزقي وأرغون الأحمدي وطيبغا السيفي يلبغا وأرغون الأرغوني وسودون الشيخوني وهو الذي صار نائب السلطنة في دولة الملك الظاهر برقوق كما سيأتي ذكره وأزدمر العزي أبو ذقن ويونس العمري ودرت بغا البالسي وقرابغا الصرغتمشي وطاز الحسني وقرقماس الصرغتمشي وطيبغا العلائي وقماري الجمالي‏.‏

ثم في هذه السنة أبطل يلبغا المكوس من مكة والمدينة ورتب عوض ذلك من بيت المال مائتي ثم في سنة ثمان وستين طلب السلطان الأمير منكلي بغا الشمسي نائب الشام إلى الديار المصرية فلما حضره أكرمه وأخلع عليه بنيابة حلب عوضًا عن جرجي الإدريسي لعجزه عن القيام بمصالح حلب مع التركمان فامتنع منكلي بغا من نيابة حلب كونه نائب دمشق ثم ينتقل منها إلى نيابة حلب فأضيف إليه أربعة آلاف نفر من عسكر دمشق لتكون منزلته أكبر من منزلة نائب دمشق فأذعن عند ذلك ولبس الخلعة وتوجه إلى حلب‏.‏

وتولى نيابة دمشق عوضه الأمير آقتمر عبد الغني حاجب الحجاب بالديار المصرية وتولى عوضه حجوبية الحجاب طيبغا العلائي‏.‏

وأما جرجي الإدريسي المعزول عن نيابة حلب فإنه ولي نيابة طرابلس بعد عزل منجك اليوسفي عنها‏.‏